الصراع والصدام من قيم المجتمعات الغربية، وهو أيضا مكون مهم في العقلية الغربية؛ حيث ينظرون إلى الصراع على أنه الأصل في العلاقات بين المخلوقات، فأصل العلاقة عندهم بين الإنسان والكون، الرجل والمرأة، والغني والفقير، والحاكم والمحكوم، والعامل وصاحب العمل، والمؤجر وصاحب الملك هي الصراع.
أما النموذج المعرفي الإسلامي قام على قيمة السلام والاستقرار، واعتمد التكامل –كسنة إلهية- أحد أهم مكونات العقلية الإسلامية، فالمسلم يقر بأن بين المخلوقات اختلافات ومفارقات، ولكنه يرى ذلك التباين والاختلاف للتنوع وليس للتضاد، فالليل والنهار يشكلان يومًا واحدًا، لكل منهما خصائص، والذكر والأنثى لكل منهما خصائص، ولكل منهما وظيفة، والحاكم والمحكم لكل منهما وظيفة، والغني والفقير، وأغلب الثنائيات الخلقية أو القدرية، فالخلقية كالليل والنهار والذكر والأنثى، والقدرية كالحاكم والمحكوم والغني والفقير، سميناها قدرية لنفرقها عن الخلقية، وإن كان فيها سعي للإنسان واختيار وكسب، إلا أنها من فضل الله وقدره أيضا.
وفهم سنة التكامل يجعل أصل الخلق عند المسلم هو التكامل وليس الصراع، ولذلك يفهم العلاقة بين الذكر والأنثى على أنها خلقت للتكامل، بخلاف التوجه الذي يدعو إلى أن الأصل هو الصراع، وأنه يجب على المرأة أن تصارع الرجل لتحصل على حقوقها، وأن المحكوم يجب أن يصارع الحاكم للحصول على حقوقه، وأن الإنسان يجب أن يصارع الكون حتى يحصل منه منفعته، على ما استقر في الفكر الإغريقي من فكرة صراع الآلهة وانتصار الإنسان في النهاية عليها.
وهذا الفهم لسنة التكامل لا ينفي حدوث الصراع أو إمكانية حدوثه ووقوعه، ولكن هناك فرق بين أن نجعله أصلا للخلقة لا يمكن الفرار منه، وبين أن نجعله حالة عارضة يجب أن نسعى لإنهائها حتى تستقر الأمور على الوضع الأول الذي خلقه الله.
والصدام ليس من صالح المسلمين، ولا البشرية في مجملها، والداعين إليه إنما يدعون إلى فساد في الأرض وبعضهم يظنه أو يعتقد جازمًا أنه واقع لا فكاك منه، وأنه يتعامل معه ولا يدعو له، والأمر عندنا غير ذلك، فالصراع أمر موجود ولكنه طارئ عارض، وليس هو أساس العلاقة بين الإنسان والكون، ولا بين الإنسان وأخيه الإنسان، بل العلاقة هي التكامل، والتعاون والتعارف.
فالغرب يتبنى نظرية صدام الحضارات التي لابد فيها من غالب ومغلوب، أو لابد فيها من استعمار وهيمنة، وأن المكون العقلي لهذا التيار لن يتخلى عن هذا، وهو مخالف لجل الأديان في العالم، والتي ترى أن الأصل هو الوفاق لا الشقاق، وأن الصراع أمر حادث لكنه عارض، لا ندعو إليه في مبادئنا، بل نتعامل معه كحقيقة واقعة وليس كهدف مراد.
والسلام من أسماء الله التي تتبع قسم الجمال، والذي علاقة المسلم معه التخلق، على حد قول الصالحين وهم يفسرون قوله تعالى : ﴿كونوا ربانيين ﴾ [آل عمران :79] أي « تخلقوا بأخلاق الله». فالمسلم لابد أن يسلم نفسه ويزكيها من كل النقائص والعيوب، كما أنه لابد أن يسلم الناس من شروره، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» [رواه مسلم]. فالتخلق بالسلام مع النفس ومع الأهل والناس أجمعين يحقق مراد الله على أرضه من نشر الحق والعدل والإيمان.
ويعتقد المسلمون أن السلام قضية متكاملة تحيطهم من كل جانب، فهم يؤمنون بأن السلام اسم خالقهم سبحانه وتعالى، قال سبحانه : ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الحشر :23].
ويؤمنون بأن طُرق ربهم وسبله هي طرق السلام وسبله، وأن الله يهدي من اتبع رضاه هذه السبل، قال تعالى : ﴿يَهْدِى بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [المائدة :16].
ويؤمنون أن الجنة جزاء المؤمنين يوم القيامة هي دار السلام، وموطن السلامة الأبدية من كل خوف وحزن، قال تعالى : ﴿لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام :127]. وقال سبحانه : ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِى مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [يونس :25].
ويؤمنون أن أعظم ليالي الدهر التي تتنزل فيها الملائكة ويستجاب فيها الدعاء والعبادة فيها خير من عبادة ألف شهر، هي ليلة سلام حتى نهايتها، قال تعالى : ﴿سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ﴾ [القدر :5].
ويؤمنون أن السلام حالة يحتاجها الإنسان في كل وقت وحين، ويشتد احتياجه لها في وقته مولده ووقت موته، ووقت بعثه، ولذا يحكي القرآن عن الأنبياء ومنهم عيسى عليه السلام أنه قال : ﴿وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وَلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًا﴾ [مريم :33]، وأكد الله أن المؤمن في وقت الاحتضار يحتاج السلام منه سبحانه ومن الصالحين فقال تعالى : ﴿وَأَمَّا إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ اليَمِينِ * فَسَلامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ اليَمِينِ﴾ [الواقعة :90].
ويؤمنون بأن قول السلام يطمئن المؤمنون ويتبعه رحمة الله سبحانه وتعالى، ولذا خاطب ربنا نبيه في القرآن، فقال سبحانه : ﴿فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [الأنعام :54]
ويعتقد المسلمون كذلك أن السلام بشرى المؤمنين عند الوفاة وتحيتهم في الجنة من الملائكة الكرام، قال تعالى : ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [النحل :32]. بل إنهم لا يسمعون في الجنة إلا السلام، قال تعالى : ﴿لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلاَّ سَلامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًا﴾ [مريم :62]، كما إنهم يعتقدون أن السلام هو تحيتهم عند لقاء السلام سبحانه وتعالى : ﴿تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا﴾ [الأحزاب :44]. وقال تعالى : ﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ﴾ [يونس :10]. وقال سبحانه وتعالى : ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾ [الرعد :23]. وقال تعالى : ﴿وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ﴾ [إبراهيم :23]. وقال سبحانه ﴿إِنَّ المُتَّقِينَ فِى جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ﴾ [الحجر :45].
كما أن السلام هو تحية الأنبياء والملائكة في الحياة الدنيا : ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ﴾ [هود :69].
ويعتقد المسلمون أن الصبر على الأذى والدعاء بالسلامة لمن يجهل عليهم هو السلوك القويم، والخلق العالي، يقول سبحانه : ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا﴾ [الفرقان :63]، فهم دائما يعفون ويصفحون ويسالمون الناس، اقتداء بنبيهم حيث أمره ربه بذلك فقال تعالى : ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ [الزخرف :89].
كما أنهم يعتقدون أن السلام هي الكلمة الأخيرة التي يختم المسلمون صلاتهم وهم يعتقدون أنهم عندما يختمون الصلاة يواجهون الحياة، فكأنهم يواجهنا أول ما يواجهنا به بالسلام.
والسلام عندهم ضد الحرب، وهناك دعوة صريحة واضحة في القرآن الكريم في شأن أولئك الذين يعتدون على الناس وعلى المسلمين يقول فيها القرآن الكريم ﴿وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ﴾ [الأنفال :61]. وهناك دعوة صريحة في القرآن الكريم يقول فيها الله سبحانه وتعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِى السِّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ [البقرة :208] وهي آية تدل على أن السلام من الرحمن وأن ضده من الشيطان.
واليهود يحسدوننا على السلام كلمة نفشيها فيما بيننا وفيما بيننا وبين العالمين، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت : (بَيْنَا أَنَا عِنْدَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم إِذِ اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَأَذِنَ لَهُ فَقَالَ السَّامُ يا محمد فقال : النبي صلى الله عليه وسلم وعليك. فقالت عائشة : فهممت أن أتكلم فعلمت كراهية النبي صلى الله عليه وسلم لذلك فسكت. ثم دخل آخر فقال: السام عليك. فقال : وعليك. فهممت أن أتكلم فعلمت كراهية النبي صلى الله عليه وسلم لذلك. ثم دخل الثالث فقال : السام عليك. فلم أصبر حتى قلت : وعليك السام وغضب الله ولعنته إخوان القردة والخنازير أتحيون رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لم يحيه الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش قالوا قولا فرددنا عليهم إن اليهود قوم حسد وهم لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على السلام وعلى آمين ». [رواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي واللفظ لابن خزيمة].
فالسلام في الإسلام قضية عقائدية سلوكية تعبدية تحيط بالمسلمين في كل حياتهم، ومما يشاع عن الإسلام بغرض الإساءة إليه في هذه الأيام أنه دين إرهاب أو قتل، ويحاولون جاهدين أن يلصقوا الأعمال الإجرامية بتعاليم ذلك الدين السمح.
ذلك على الرغم من أن الإسلام نظر إلى الآخر (أو لغير المسلم) منذ نشأته الأولى نظرة تكامل وتعاون، وكيف لا وكان الآخر في أول الدعوة الإسلامية هو مجموع البشر إلا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فكيف لدين لا يقوم على التسامح والتعاون ينتشر هذا الانتشار الرهيب الملحوظ في سنوات معدودة بين العرب ويستمر عبر القرون، ويقود الإنسانية بأسرها قروناً عدة إلى فضائل الأخلاق وتعمير الأرض ؟
وقد وضع الإسلام قواعد واضحة للعائلة البشرية؛ حيث أعلن أن الناس جميعاً خلقوا من نفس واحدة، مما يعني وحدة الأصل الإنساني، فقد قال الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِه وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا ًً﴾ [النساء : 1]، والناس جميعاً في نظر الإسلام هم أبناء تلك العائلة الإنسانية، وكلهم له الحق في العيش والكرامة دون استثناء أو تمييز، فالإنسان مكرم في نظر القرآن الكريم، دون النظر إلى دينه، أو لونه، أو جنسه، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا ﴾ [الإسراء :70].
ودستور الإسلام في التعامل مع غير المسلمين يتلخص في قوله تعالى : ﴿ لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة : 8] ، فالآية واضحة في أننا نحن المسلمين عندما لا يريد الآخرون أن ينضموا إلى مدرسة الإسلام، فعلينا صلتهم، والعدل معهم، ومعاملتهم المعاملة الطيبة، بناءً على مبدأ الاحترام المتبادل، والعلاقات الإنسانية والمصالح المشتركة.
وفي السنة كانت كذلك دعوة الإسلام للسلام صريحة فعن عمار رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «ثلاثة من جمعهن فقد جمع الإيمان : الإنفاق من الإقتار، والإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالم» [رواه الطبراني في الكبير، وذكره البخاري تعليقا].
وما شاع أن الإسلام قد انتشر بالسيف، وأنه يدعو إلى الحرب وإلى العنف، ويكفي في الرد على هذه الحالة من الافتراء، ما أمر الله به من العدل والإنصاف، وعدم خلط الأوراق، والبحث عن الحقيقة كما هي، وعدم الافتراء على الآخرين، حيث قال سبحانه في كتابه العزيز (لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون) [آل عمران :71].
ومقارنة بما ذكر من وحشية في الحروب، وسفك الدماء وخراب ودمار للبلاد والعباد من حروب المعتدين، نجد أن سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم نظيفة من هذه التهم بل إن تحركاته العسكرية التي بلغت نحو ثمانين غزوة وسارية كانت كلها بسبب دفع الظلم ورد العدوان، فلم يحدث القتال الفعلي في كل هذه التحركات سوى في سبع مواقع فقط في سيرته صلى الله عليه وسلم أثناء نشره للدعوة الإسلامية.
وسوف تجد نتائج مذهلة في هذه المواقع منها : إن المحاربين كانوا كلهم من قبائل مضر أولاد عمه صلى الله عليه وسلم ولم يقاتله أحد من ربيعة ولا قحطان، وأن عدد القتلى من المسلمين في كل المعارك 139 ومن المشركين 112 ومجموعهم 251 وهو عدد القتلى من حوادث السيارات في مدينة متوسطة الحجم في عام واحد، وبذلك يكون عدد القتلى في كل تحرك من تلك الثمانين 3.5 شخص وهذا أمر مضحك مع ما جبل عليه العرب من قوة الشكيمة والعناد في الحرب أن يكون ذلك سبب لدخولهم الإسلام وتغير دينهم. (يتبع)