إن النبي ﷺ أُرسل إلى أمة واحدة ؛ فهو رسول الله وخاتم النبيين ؛ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَلْحَقَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي بِالْمُشْرِكِينَ ، وَحَتَّى يَعْبُدُوا الْأَوْثَانَ ، وَإِنَّهُ سَيَكُونُ فِي أُمَّــــتِي ثَلَاثُونَ كَذَّابُونَ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لَا نَبِيَّ بَعْدِي "(1) .
فهو ﷺ النبي الخاتم بإجماع الأمة وهذه حقيقة لم يختلف فيها اثنان ولم يتناطح فيها كبشان. فليس هناك رسول بعده ﷺ ، وليس هناك نبي بعده ، قال تعالى : { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } (الأحزاب:40)
فمن يقول من البشر أن هناك نبيًّا أو رسولا بعد سيدنا محمد ﷺ ؛ فهو ليس بمسلم ، وهو خارج عن ملة المسلمين .
هذه قضية أولى ثابتة مجمع عليها لا نقاش فيها ، وهي حقيقة من الحقائق الكونية كالتوحيد ، وكحقيقة القرآن ، و كحقيقة الكعبة ، وكحقيقة الرسول ﷺ .
إنه خاتم للأنبياء والمرسلين وانتهينا وهي أمة واحدة.
وسبب ذلك : أنه لو كان هناك رسل بعد النبي ﷺ لآمن بهؤلاء الرسل بعض الناس وكفر بعض ، وعند ذلك تتفتت الأمة ولا يتناسب ذلك مع خاتمية الرسالة ومع عالميتها ، ومع أنها أمة واحدة لا يتناسب هذا مع ذلك ، وهذا أمر منتهى منه ، فكل مدعٍ كذاب يدعي أنه رسول أو نبي من عند الله بعد النبي المصطفى والحبيب المجتبى محمد ﷺ فأمره مردود عليه ، وهو ليس من المسلمين ، وهذا لا فصال ولا نقاش فيه.
القضية الأخرى : أن النبي ﷺ أخبر عن نحو عشرين من الصحابة أن هناك حاكمًا عادلا يخرج في آخر الزمان ووصف أوصافه في أحاديث بعضها صحيحة ، وبعضها حسنة ، وبعضها ضعيف .
وقال أن هناك رجلا ما يسمى بمحمد بن عبد الله ، ومحمد بن عبد الله هذا رجل من آل الحسن بن علي يخرج في آخر الزمان له صفات معينة يملأ الأرض عدلاً ، يوحد المسلمين ، يجاهد في سبيل الله ؛ فهو رجل كالرجال ، وهو لا يوحى إليه ، ولن يفعل أكثر من أن الله سوف يوفقه لجمع شتات أمة النبي r والجهاد في سبيل الله وإقرار العدل والحق في العالم. ٍ عَنْ أَبِي إِسْحاَقَ قَالَ : قَالَ عَلِيٌّ رَضِي اللَّه عَنْه وَنَظَرَ إِلَى ابْنِهِ الْحَسَنِ فَقَالَ : إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ كَمَا سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَسَيَخْرُجُ مِنْ صُلْبِهِ رَجُلٌ يُسَمَّى بِاسْمِ نَبِيِّكُمْ ، يُشْبِهُهُ فِي الْخُلُقِ ، وَلَا يُشْبِهُهُ فِي الْخَلْقِ ، ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةً : يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا "(1) .
وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ : " الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ "(2) .
وهذا لا ننتظره ؛ يعني كلمة ( المنتظر ) بعد كلمة ( المهدي ) لا يعرفها أهل السنة والجماعة.
نحن لا ننتظر أحدًا.
إن النبي ﷺ أخبر بأشياء كثيرة وقد حدثت .. حدثت عبر العصور .
هناك علامات صغرى ووسطى وكبرى أيضًا وحدث كل هذا .
فهو الصادق المصدوق .
نحن لا ننتظره لأننا ينبغي علينا أن نتعلم .. ينبغي علينا أن ندعو الناس .. ينبغي علينا أن نمتثل بأوامر الله ونواهيه في تكليفه فنحن لا ننتظر أحد.
ولكن عندما يخرج هذا فمن علاماته : أنه يجمع الله قلوب أمة محـمد عليه ؛ أي أنه لا يـختلف فيه اثنـــان .
فإذًا قضية المهدي هذه ليست قضية للمفاصلة من أيام النبي r إلى يومنا هذا.
لقد خرج من يدعي المهدية . أكثر من مائة وخمسين إنسانًا يقول أنا المهدي المنتظر ، وبعضهم اسمه محمد بن عبد الله. بل وبعضهم أقام دولة كمحمد بن عبد الله بن تومرت في الغرب أقام دولة الموحدين. وبعضهم انتصر في حروب مثل محمد بن عبد الله المهدي السوداني .
وهكذا وليس أحد منهم هو المهدي.
ولذلك نحن لا ننتظر أحدًا.
هذه علامة أخبر بها الرسول ﷺ إن أدركناها فبها ونعمت ، وإن لم تأت إلا بعد مئات السنين فبها أيضًا ونعمت ، والأمر ليس فيه انتظار عند أهل السنة والجماعة ، ولذلك لا تشغل بالك بهذا ، إنما هذه الأمور من المغيبات التي تقيم للإنسان وجهًا عبر العصور وعلى مر الدهور .
أما هذه التي ادعت فأنا لم أسمعها ولم أعرف ماذا قالت ، ولذلك لا نستطيع أن نرد عليها . لكن نحن نرد على أفكار واضحة .
ليست هناك رسالة ولا نبوة بعد النبي ﷺ . ومن ادعى هذا فإنه دجال كذاب خارج عن ملة المسلمين.
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الفتن ، باب ما جاء لا تقوم الساعة حتى يخرج كذابون (2219 ) عن قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : .. به ، قَالَ أَبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
(1) أخرجه أبو داود في كتاب المهدي (4290 ) عن أَبي دَاود حُدِّثْتُ عَنْ هَارُونَ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي إِسْحاَقَ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ رَضِي اللَّه عَنْه .. به .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب المهدي ( 4284 ) عن أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ عَنْ زِيَادِ بْنِ بَيَانٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ نُفَيْلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ : .. به ، وقال : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَسَمِعْتُ أَبَا الْمَلِيحِ يُثْنِي عَلَى عَلِيِّ بْنِ نُفَيْلٍ وَيَذْكُرُ مِنْهُ صَلَاحًا .