للصوم فضل وثواب كبير عند الله تعالى كما أن للصائم الذي يحافظ على صيامه ويبتغي به وجه الله والدار الآخرة ثواباً جزيلاً وخيرًا عميمًا، وقد وردت الآثار في فضل الصيام؛ فعن أبي هريرة ـ رضي الله تعالى عنه وأرضاه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ: " قال الله ـ عز وجل ـ: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصوم جُنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث، ولا يصخب، إن شاتمه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم (مرتين) والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه".
فالصائم الذي يمسك نفسه عن الرفث والآثام وعن الشهوات والملذات فلا يتكلم بفاحش القول، ولا يخاصم، ولا يرتكب ما يغضب الله، ولا يرد على الإساءة بمثلها؛ خوفًا من الله ومراقبة له، ويحافظ على السر الذي بينه وبين ربه ـ وهو الصيام ـ وكان في وسعه أن يأكل ويشرب ويقضي شهواته بعيداً عن أعين الناس، ولكنه امتنع عن ذلك خشية من الله، وخوفاً منه، وتنفيذاً لأوامره، وطاعة له، استحق أن يكون جزاؤه مباشرة من الله، وما ذلك إلا لأن جميع الأعمال قد يداخلها شيء من الرياء أو المباهاة إلا الصوم؛ فإنه لا يصاحبه شيء من ذلك لكونه سراً بين العبد وربه، ولذلك أضافه الله تعالى لنفسه في قوله: " إلا الصوم فإنه لي "، وله وحده الجزاء عليه في قوله: " وأنا أجزي به" مما يدل على فضل الصيام وعظيم الجزاء عليه من الله.