طباعة

اسمه تعالى الخالق

(الْخَالِقُ)

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.

مع اسم من أسماء الله تعالى، من أسمائه الحسنى ﴿وَلِلهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: 180] نعيش هذه اللحظات مع اسمه (الخالق).

والله  سبحانه وتعالى هو الذي خلق الخلق، هذه الحقيقة الواضحة الظاهرة تجيب عن حَيْرَة الإنسان، وعن سؤال يتردد عند كل البشر، من أين نحن؟ ولما نحن هنا؟ وماذا سيكون غدًا بعد الموت؟ الله قد خلقنا، هذا السؤال قد يبذل فيه مَنْ لم يؤمن بخالقيه الله عمره كله يبحث عنه، وقد لا يجد جوابًا إذا لم يؤمن بالله رب العالمين، مَنْ الذي أو جدنا؟ الطبيعة هي التي أوجدتنا؟ أو أننا قد أوجدنا أنفسنا؟ أو أن الأمر قد بدأ بتطور مادي كما تقوله نظريات التطور. إنها حيرة كبيرة، ويحاولون أن يصلوا بعلومهم إلى الإجابة على هــذا الســؤال.

﴿مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا﴾ [الكهف: 51].

إذن؛ الله الخالق كلمة بسيطة لكنها تفك وتحل مشكلة فلسفية عند الإنسان، الله هو الذي أخرج هذا الكون من العدم ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون [يس: 82]، فقال لهذا الكون: كن. فكان، ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الأعراف: 54]، سبحانه وتعالى، قبل الخلق كان ربنا سبحانه وتعالى خالقًا أيضًا، وهنا نقول: إنه كان خالقًا بقوة، أي؛ أنه كان قادرًا على الخلق؛ ولذلك يسمى العلماء هذه الصفة أنها من صفات الأفعال، فمن صفات أفعال الله سبحانه وتعالى الخلق، فهو قد خلق، وخلق فعل، وهذا الفعل هو متصف بالقدرة عليه قبل الخلق، مثلما في حياتنا الدنيا، ولله المثل الأعلى، نقول: إن السيف قاطع. فإنه قاطع ولو كان في غمده، في جرابه، فهو قاطع أيضًا، لكن أثناء عملية القطع به فهو قاطع بالفعل، فهناك قطع بالقوة، وهناك قطع بالفعل، والله قبل ظهور هذا الخلق بإذنه كان خالقًا بالقوة، وبعده كان خالقًا بالفعل.

والله خالق لكنه لم يخلق ويترك الدنيا عبثًا، بل إنه ما زال يخلق، وإلى يومنا هذا، استمرار الخلق هو خلق من عند الله سبحانه وتعالى، مثل هذه الحياة الدنيا يمكن أن نشبهها بشريط السينما فإننا ما دمنا في حالة تشغيل لآله السينما فإننا نرى أحداث الفيلم على الشاشة، ولكن إذا ما أغلقنا هذه الآلة فإن الفيلم ينتهي ويفنى، لو أن الله سبحانه وتعالى قد قطع إمداده عن خلقه لفني هذا العالم وأنعدم، ولكننا نبقى في هذا العالم بمدد الله سبحانه وتعالى الذي لا ينتهي، ومن هنا يقول ربنا سبحانه وتعالى: ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرحمن: 29]. فقالوا: ما شأن ربنا؟ قالوا: أمور يبديها ولا يبتديها. لأنه يُظهر هذه الحياة الدنيا كـل يوم، ولا يعلم أحد منا ولا من الخلق الغيب، لكن الله سبحانه وتعالى يظهر لنا شيًا فشيًا فيما نحن نعيش فيه.

فالله هو الخالق على الحقيقة، والله سبحانه وتعالى هو الخالق على الاستمرار. والله سبحانه وتعالى كان خالقًا قبل الخلق. وكان خالقًا عند الخلق. وكان خالقًا بعد الخلق. ولو قطع عنَّا الإمداد، ولو قطع حتى عنا استعداد وتهيؤ الوجود لما وجدنا ولفنينا.

الله الخالق؛ كلمة بسيطة ولكنها تعبِّر عن حقيقة، حقيقة كونية في هذا الإبداع الذي نعيش فيه، في هذا التناسق الذي وهبه الله لنا، انظروا إلى الألوان والأشجار والأزهار، انظروا إلى الأسماك وعالم الحيوان، انظروا إلى عجائب الأرض والسماء، انظروا هذه المنن والنعم التي لا تتمناها، إنها قد صدرت من الخالق سبحانه وتعالى.

مصيبة كبرى؛ ذلك الإلحاد الأسود الذي قد يرد على بعض قلوب القاصرين بغباوة، لا يعرفوا ما نتيجة ولا يعرفوا ما الذي يترتب عليه؛ الحيرة والفوضى والشتات والعبث، ويفعل الإنسان حينئذٍ ما يشاء؛ لأنه لم يؤمن بالله رب العالمين الخالق البارئ المصور.

وسائط

عدد الزيارات 8103 مرة
قيم الموضوع
(0 أصوات)