طباعة

مدينة رسول الله 5-5

        تكلمنا في المرة السابقة عن مسجد القبلتين، وجبل أحد، ووصلاً بما سبق نكمل الحديث عن ذلك الجبل العظيم الذي أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، وأحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون، يحتوي جبل أحد على مسجد وغار صغير، كما أن في ساحته مقبرة شهداء أحد.

        وأول تلك الأماكن المباركة التي يحتوي عليها هذا الجبل مسجد جبل أحد أو مسجد الفسح، وهو مسجد صغير يقع أسفل الجبل، في طرف الشعب المؤدي إلى المهراس جنوب الغار الذي يبعد (100م) تقريباً.

وقد وصله العمران الآن، وأصبح وسط المنازل الشعبية، وقد تهدم أكثره،  ولم يبقي إلا جزء بسيط منه، وهو محاط بالسياج، وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد الصغير الذي بأحد في شعب الجرار على يمينك لازقا بالجبل. وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر بعد انتهى المعركة.

ويسمى هذا المسجد الفسح، قيل أن سبب تسميته بهذا الاسم أن المسجد كان ضيقًا فازدحم الناس للصلاة فيه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لم يجد البعض مكانًا يقف فيه للصلاة، فكانت هذه الحادثة سببًا في نزول قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِى المَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [المجادلة :11].

ومن معالم أحد كذلك حي سيد الشهداء، ويقع بسفح جبل أحد، ويبعد عن المسجد النبوي الشريف مسافة أربعة كيلومترات تقريباً شمالاً، ومن أبرز الأسماء التي عرف بها حي سيد الشهداء : حي الشهداء، وحي أحد، وحي سيدنا حمزة، ويمتد حي سيد الشهداء بمحاذاة جبل أحد بطول 8 كيلومترات تقريباً من الشرق إلى الغرب، ويخترقه وادي قناة ويتوسطه جبل الرماة ويحده من الشرق طريق المطار ومن الجنوب الخط الدائري الثاني ومن الغرب طريق العيون.

يعتبر موقع حي سيد الشهداء من المواقع التاريخية، وله مكانه عظيمة في نفوس المسلمين حيث يشرف عليه جبل أحد وفيه كانت معركة أحد المشهورة، ويضم ثراه أكثر من سبعين شهيداً، من أعظم شهداء الأرض ومنهم حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم (سيد الشهداء)، ومصعب بن عمير أول داعية بعثه النبي صلى الله عليه وسلم، وحنظله بن عامر (غسيل الملائكة) وفيهم عبدالله بن جحش، وشماس بن عثمان، وعقيل أبن أبي أمية رضى الله عنهم أجمعين.

 ومقبرة شهداء أحد تعد مزاراً يرتاده القادمون إلى المدينة وزوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك برًا لهؤلاء العظماء وصلة لهم، وتبركا به، وقبل ذلك كله إتباعًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ورد في الحديث الذي يرويه العطاف بن خالد المخزومي، عند عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة، عن أبيه،  أن النبي صلى الله عليه وسلم : (زار قبور الشهداء بأحد،  فقال: اللهم إن عبدك ونبيك يشهد أن هؤلاء شهداء، وأنه من زارهم وسلم عليهم إلى يوم القيامة ردوا عليه.  قال العطاف : وحدثتني خالتي أنها زارت قبور الشهداء،  قالت : وليس معي إلا غلامان يحفظان علي الدابة. قالت : فسلمت عليهم فسمعت رد السلام. قالوا : والله إنا نعرفكم كما يعرف بعضنا بعضا. قالت : فاقشعررت، فقلت يا غلام ادن بغلتي فركبت) [أخرجه الحاكم في المستدرك، وقال عقبه : هذا إسناد مدني صحيح ولم يخرجاه، يقصد البخاري ومسلم وهو على شرطهما].

وما زال في المدينة كثير من الأماكن المباركة والمساجد الأثرية التي يشتاق لها المسلمون، كالمساجد السبع وتقع هذه المساجد الصغيرة في الجهة الغربية من جبل سلع، عند جزء من الخندق الذي حفره المسلمون في غزوة الأحزاب للدفاع عن المدينة المنورة، وكانت هذه المساجد مواقع مرابطة ومراقبة في تلك الغزوة، وقد سمي كل مسجد باسم من رابط فيه، عدا مسجد الفتح الذي بني في موقع قبة ضربت لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذه المساجد على التوالي من الشمال إلى الجنوب هي : مسجد الفتح، مسجد سلمان الفارسي، مسجد أبي بكر الصديق، مسجد عمر بن الخطاب، مسجد علي بن أبي طالب، مسجد فاطمة الزهراء، ويسمى أيضا الأخير بمسجد سعد بن معاذ.

وهناك مساجد أخرى غير تلك السبعة كمسجد الراية، والجمعة، والميقات، والإجابة، والعنبرية، والسجدة، المستراح، وكلها مساجد مباركة لتسميتها بهذه الأسماء علاقة بأحداث نبوية مباركة ، ونكتفي بما ذكرناه من أماكن مقدسة في مدينة رسول الله، رزقنا الله زيارتها وزيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم آمين.

عدد الزيارات 11557 مرة
قيم الموضوع
(6 أصوات)