(الظاهر الباطن)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وآله وصحبه، وَمَنْ والاه.
أيها الإخوة المشاهدون: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مع اسم من أسماء الله الحسنى، ﴿وَلِلهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: 180].
نعيش هذه اللحظات، مع اسمين دائمًا يذكران سويًّا: (الظاهر الباطن).
وهما من الأسماء التي يمكن أن نطلق عليها: الأسماء المزدوجة، كالأول الآخر، والنافع الضار، وغيرهم.
(الظاهر): فهو أظهر من كل شيء، كل ما في الكون يدعو إلى الإيمان بالله.
وفي كل شيء له آية |
* |
تدل على أنه واحد |
ليس هناك حركة، ولا سكنة في هذا الكون؛ إِلَّا وهي تدل على خالقها، وبارئها، ومبتديها، ومعيدها، سبحانه وتعالى.
(الظاهر) فهو أظهر من الدليل.
وعندما أقام أحد العلماء، ألف دليل على وجود الله، قالت إحدى عجائز نيسابور: وهل هناك ألف شك في وجوده؛ حتى نقيم على كل شك دليلًا؟
فقال ذلك العالم: اللهم ارزقني إيمانًا كإيمان عجائز نيسابور.
هذه المرأة بفطرتها، رأت في هذا الكون: دليل ظاهر، وعلمت أن الله سبحانه وتعالى، أظهر من هذا الكون في قلبها.
يعني يمكن أن نشككها في المحسوس، ولا يمكن أن نشككها في الله رب العالمين.
هذا معنى أنه: أظهر من هذا الكون، أن وجوده أصبح مغروسًا في الفطر السليمة، والعقول المستقيمة؛ بحيث إنه لا يحتاج إلى دليل، ولا يحتاج إلى برهان.
بل طبيعة الحياة: من أين جئنا؟ وطبيعة الحياة: إلى أين سنذهب؟
تدل دلالة واضحة من غير إعمال فكر، بل أمر قد غرس في القلوب، وفي الفطر السليمة، تدل عليه سبحانه وتعالى، وتشير إلى أنه هو الوجود الحق.
وهذا الوجود كله؛ إنما هو وجود فان، وليس ظاهرًا كظهور وجود الله سبحانه وتعالى.
يقول الملحد للمؤمن: أقم الدليل على وجود الله.
فيقول المؤمن للملحد: أقم الدليل على عدم وجوده.
الله موجود؛ لأنه موجود، ولأنه خلق هذا الكون.
مع بساطة هذه الكلمات؛ إِلَّا أنها تشتمل فيما وراءها، على شيء كثير من الفلسفة، والحكمة العميقة.
ما الدليل على عدم وجود الله، والكون كله يصرخ بوجوده؟!
من أين نحن؟
كلمة بسيطة؛ ولكن هذا السؤال، مع عدم الإيمان بالله، يحتاج إلى مجهود كبير.
وهو سبحانه وتعالى: (الباطن)، وهو معناه: أنه أيضًا موجود في داخل الإنسان، هذا الإنسان خُلِقَ للجنة، وليس للنار، خلق وفيه من داخله نور، خلق وفطرته سليمة، خلق في أحسن تقويم؛ لأن الله سبحانه وتعالى موجود في قلبه، وفي إيمانه، وفي روحه، وفي عقله.
فهو الظاهر، وهو الباطن، وهو على كل شيء قدير.
و (الظاهر والباطن) من الأسماء التي نذكرها سويًّا: يا ظاهر يا باطن؛ لأنها معًا تعطي الحقيقة الكبرى، للوجود الحق، الوجود الذي لا يحتاج إلى برهان، وإلى إعمال فكر، الوجود الذي هو مغروس في الفطر السليمة، وفي القلوب النقية، الوجود الذي نحتاجه في كل لحظة.