طباعة

هناك بعض المساجد يقوم المصلون فيها بصلاة الظهر بعد أداء صلاة الجمعة ، فهل هذه الصلاة ثابتة ؟

من المعلوم شرعًا أن المقصود من إقامة صلاة الجمعة إظهار شعار الاجتماع واتفاق الكلمة ؛ ولذا اشترط جمهور العلماء لصحة صلاة الجمعة أن لا يسبقها ولا يقارنها جمعة أخرى في بلدتها إلا إذا كبرت البلدة وعسر اجتماع الناس في مكان واحد ؛ فيجوز التعدد بحسب الحاجة(1) .

 وللشافعيـة في ذلك قولان : أظهرهما – وهو المعتمد – أنه يجوز التعدد بحسب الحاجة .

وقيل : لا يجوز التعدد ولو لحاجة(1) ، وفَرَّعوا على ذلك مراعاةً لخلاف الأظهر أنه يستحب لمن صلى الجمعة مع التعدد بحسب الحاجة ولم يعلم أن جمعته سبقت غيرَها أن يعيدها ظهرًا احتياطًا خروجًا من الخلاف .
على أن الحنفية يجيزون على المعتمد عندهم أن تؤدى الجمعة في مِصر واحد بمواضع كثيرة ؛ حيث ذكر الإمام السرخسي أن هذا هو الصحيح من مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى(2) .

 فتحرر من ذلك ما يأتي :
1 -  أن من شرط صحة صلاة الجمعة عند جمهور العلماء عدم سبقها أو مقارنتها بجمعة أخرى في نفس البلدة إلا لحاجة .
2 -  أنه يجوز تعدد الجمعة إذا كانت هناك حاجة لذلك ؛ كضيق مكان أو عسر اجتماع ، وهذا هو المعتمد عند الشافعية .
3 -  أنه يستحب احتياطًا وخروجًا من خلاف من لم يُجِزْ تعدد صلاة الجمعة ولو لحاجة إعادتُها ظهرًا إذا لم يتيقن من صلى الجمعة أن جمعته هي السابقة وأنها لم تقارنها جمعة أخرى ، وهذا الاحتياط مشروع على سبيل الندب والاستحباب لا على جهة الحتم والإيجاب .

 -  أن هناك من العلماء من يجيز تعدد صلاة الجمعة في المِصر الواحد مطلقًا ولو لغير حاجة ، وذلك في المساجد التي يأذن ولي الأمر بإقامة صلاة الجمعة فيها .
وبناء على ذلك وفي واقعة السؤال : فإن إعادة صلاة الجمعة ظهرًا بعدها عند من قال بذلك إنما هي على سبيل الاستحباب لا على جهة الإيجاب ، وليس لأحد أن يُنكر في ذلك على أحد ، وليسعنا في ذلك ما وسع سلفنا الصالح من أدب الخلاف الذي كان منهجًا لهم في مسائلهم الخلافية

____________________________________________________

(1)  انظر في ذلك : بدائع الصنائع ( 3 / 179 ) وشرح فتح القدير ( 2 / 50 )

(1)  انظر المجموع للنووي ( 4 / 501 ) والأنوار ومعه حاشية الكمثري ( 1 / 140 – 142 ) .

(2)  وانظر أيضا : بدائع الصنائع ( 1 / 260 ) .

عدد الزيارات 9398 مرة
قيم الموضوع
(0 أصوات)